[b]ظاهرة العنف في المدارس اصبحت مثيرة للقلق سواء بالنسبة لأولياء الامور او العاملين في المدارس. ولأن كل الاسباب والشكاوى التي نسمعها من ابنائنا ومن اصدقائهم في المدارس جعلتنا نرصد هذه الظاهرة ونقف على اسبابها لأنها غالبا ما تكون مرتبطة بالعنف البيتي
حيث ان الخلافات العائلية لها تأثير سلبي على تنشئة الطفل، ذلك لأنها تخلق انسانا غير متزن.فمن اين يأتي العنف؟ وما مرده؟ وكيف يسيطر على مجتمعنا الان، وتحديدا في مدارسنا وبين اولادنا!!
هذا ما توجهنا به الى اختصاصي الامراض النفسية د. منعم عبد الحميد فأجاب:
- ان الطالب العنيف هو طفل خائف فاقد للاحساس بالامان، وغالبا ما يعيش بجو عائلي متشنج، وربما هو طفل غير سوي نفسياً.. اما المدرس العنيف فهو انسان يعاني من حالة نفسية غير مستقرة لها اسبابها المتعددة كأن تكون شخصية او عائلية او وراثية او مهنية او مشاكل واقعية بحاجة الى حلول.
والمسألة اولا وأخيرا هي مقدرة المدرس ان يكون المحور الاساس في عملية الضبط والتربية والتعليم بشكل حضاري.
فالمعلم رمز للعلم والمعلم العنيف يخلق عند الطالب مشاعر سلبية تجاه المعلم والدراسة، فيسوء تحصيله ويصبح مصدر ازعاج للجميع. كما اني أتأسف على بعض المدرسين الذين لا يملكون القدرة على ضبط صفوفهم لسبب في شخصيتهم، فباتوا يلقون بفشلهم على الطالب.. فالمدرس المتفهم لنفسيات طلبته يعالج اية حالة خاصة بالتعاون مع ادارة المدرسة.. فصفوف مدارسنا تكتظ احيانا بـ(40) طالبا او اكثر، فيصعب على المعلم او المدرس ضبط سلوكهم، فالطالب ليس دائما على حق، وكذلك الاهل والمعلم.. فالخوف عند الطالب الصغير يولد لديه العنف وهو بحاجة لطمأنينة وبالأخص عندما يحاط بجو من النقد والسخرية ليصبح عدوانيا وخجولا فالكلمة تكون جارحة اكثر من ((اللكمة)) وللمدرسة دور رئيس في التنشئة الاجتماعية وانضاج شخصيته.. فعلى المدرسة التحري والبحث عن اية مشكلة او حالة نفسية يعاني منها الطالب.
[color:ff7e=darkblue]رأي علم الاجتماع[/color]
اما علم الاجتماع فيحدد اسباب العنف ويوضحه لنا من خلال لقائنا مع الباحث الاجتماعي الاستاذ يوسف عناد المتخصص بالخدمة الاجتماعية قائلاً:
- ان التمرد واختلال مستوى القيّم لدى الطلاب وتأثير القنوات الفضائية، وما تبثه من افلام العنف وتشجع عليه وراء انتشار العنف في المدارس، وقد تحدث نتيجة للاحباط او لتقليد اشخاص آخرين او انفصال الابوين او الخلل في التربية مثل الدلال المفرط والتسيب وعدم قدرة الاهل في السيطرة عليه.. او متابعته دراسيا وملاحظة رفقائه وطريقة سلوكه داخل وخارج البيت!!.
واوضح الباحث الاجتماعي ايضا هي ان تغيب الصورة السلطوية في المدرسة والتي تتمثل في منع الضرب ومعاقبة الطالب عند الاساءة تشعره بهيبة المعلم ووجوب احترامه كما ان الحل يجب ان يبدأ بالاسرة والمنزل من خلال ترسيخ القيم الايجابية الموجودة في المجتمع واحترام الكبير وتربيتهم على مواجهة التغييرات السريعة.. فالحالة العمرية للطالب لها اهميتها فالتعامل المثالي معه يشجعه على الافصاح عن نفسه ويزرع الثقة بينه وبين من حوله تجنبا لحالة العنف المستشرية بينهم وخاصة في المدارس الثانوية والمتوسطة!!.
[color:ff7e=darkblue]للعنف أسبابه وغاياته[/color]
كانت محطتنا الآتية مع عدد من المدارس وترتبت عنها احاديث قيمة مع بعض المدرسين والمعلمين بشأن العنف بين الطلاب وكانت هذه الآراء:
في ثانوية البيضاء للبنين حطت اوراقنا للاستفسار وبدأنا بمعاون المدرسة السيد (عدنان لفتة) يقول عن العنف في المدرسة وسلبياته والتي جعلت من الطالب فردا مشاكسا ولا يحمل قيما اجتماعية كالسابق.. يقول: الذي يحدث في المدارس اليوم مع الاسف الشديد لا يمت الى اخلاقيات مجتمعنا وسلوكنا سابقا، حيث كنا نهاب المدرسة والمعلم ولا نستطيع حتى النظر اليه او الامتناع عن الحضور اليومي والتحضير. اما الان فيحدث العكس فالتسرب والتغيب وعدم المبالاة بالمدرسة والدوام لها تأثير كبير على سلوكيات الطلبة وأسباب ذلك التعدد في الوضع الذي يتعرض له البلد وتردي التعليم الذي اثر بشكل كبير على نفسية الطالب وعدم اهتمامه بالدراسة. وكان للارهاب والعنف الدور الاكبر في تمادي الطلبة فيما بينهم فبعضهم شكل جماعات ارهابية وآخر يهدد زميله بمن يعرفهم من مروجي الارهاب وتصاعد ذلك العنف حتى وصل الى الهيئة التعليمية التي لمسنا ان قسماً من المدرسين مهددون بصورة مباشرة او غير مباشرة وكانت هناك حالات يصعب علينا حلها او البت فيها كادارة مدرسية حينما هدد احد الطلاب احد مدرسيه خاصة وقد حدثت جرائم من جراء ذلك!!.
فالعنف اخذ طريقا سهلا ذهابا وايابا بين المدرسين والطلبة، مع هذا بدأت الحالة تهدأ الآن عندما استقر الوضع الامني بشكل افضل من السابق وبدأ الطلاب يتراجعون عن سلبياتهم وسلوكياتهم العدوانية عندما شعروا ان ليس امامهم الا الدراسة والشهادة طريق واضح للمستقبل نأمل ذلك من الجميع.
[color:ff7e=darkblue]الطلاب عصابات جاهزة[/color]
مرحلة التغيير والانتقال
[color:ff7e=darkblue]* وما الحلول لمثل هذه الحالات؟[/color]- المدارس المتوسطة والاعدادية تضم طلبة باعمار متقاربة وهي السن القلقة وأقصد عمر المراهقة وفي هذا العمر من الضروري ان تضع اسساً واولويات لطبيعة هذه المرحلة لأنها مرحلة تغيير وانتقال والشعور بانه اصبح شابا ورجلا ولابد من ايجاد صيغة لكسبه والتعامل معه بحب وحذر ومداراة نفسيته واتخاذه صديقا ووضع كل مباهج المستقبل التي تنتظره امام عينيه، وبيان اهمية التعليم والشهادة وأهمية العلم، حتى لا يخضع الى ضغوطات اخرى تسير به الى اتجاه سيئ وغير سليم.. وهذا كله يعتمد على اهمية تواجد المرشد او الباحث الاجتماعي والنفسي في المدارس لدوره في توجيه الطلاب وحل مشاكلهم والارتباط بحياتهم مباشرة، ونحن بدورنا وأقصد كادارة لا يمكنها ان تحوي كل ما يدور في المدرسة فالطلاب لهم خصوصياتهم احيانا وهناك طلاب يعملون ليلا ويأتون الى الدوام صباحا، وهنا نراعي ظروفهم ونفسيتهم ولكن بينهم تحدث احيانا المشاحنات والمشاجرات داخل المدرسة وخارجها بعضها نستطيع تلافيها وبعضها تؤدي الى نتائج سيئة وخاصة تلك التي تحدث خارج المدرسة مع الاخرين.
[color:ff7e=darkblue]المدرسون يزيدون العنف[/color]
تحدث الينا ايضا الاساتذة: حسن حسين سعيد وعادل العساف، عن العنف المدرسي بالقول:
ان المدرسة التي يميل فيها المعلمون الى ايذاء الطلاب من خلال الضرب وما على شاكلته كاللطم والرفس والدفع او من خلال ايذائهم نفسيا عن طريق اللوم الشديد، كل تلك العوامل تولد في الطالب روح الاحباط والضيق، وهذا بدوره يؤدي الى الاعتداء على من مارس الايذاء ضدهم بجميع اشكاله وانواعه حتى لو كانوا من معلميهم او من الطلاب انفسهم وقد ينعكس هذا العنف على ممتلكاتهم او الممتلكات والمرافق العامة كالكتابات المسيئة على مقاعد الدراسة وجدران واثاث المدرسة وقد تتضمن شتما وسبا. وقد تصل احيانا الى الاعتداء او الضرب بالسكاكين كما ان للاسرة دورها احيانا في زيادة العنف بين الطلاب حينما تشجع الام او الاب على ضرب كل من يحاول ضرب ابنهم وايذائه بأية وسيلة للايذاء.
ونحن نسأل الاسر ايضا، هل هذا هو اسلوب جيد في التربية؟!.
كما ان اكثر ما يساعد وينمي العنف هم الرفاق والزملاء وهي مصادقة كبار السن لمساعدتهم على ضرب الاخرين ويفتخر بأنه الاقوى عند المضاربة، ومصادقة من يفضل اسلوب الشتم والكلمات الرديئة، كذلك ان للفضائيات دورها المهم والمشجع على ممارسة العنف من خلال الافلام التي تعرضها.
الكل لن يخطأ!
من خلال تجوالي في عدد من المدارس ولقائي بمدرائها ومدرسيها اتضح لي ان كل ادارات المدارس ترفض موضوع العنف وتدينه من الناحيتين الانسانية والتربوية. مبينين مدى فضاعته وخطأه.
اما المعلم فلا يزال يدافع عن نفسه بأن ضربه للطالب كان خفيفا وبأن ما يتعرض له التلاميذ الصغار من الضرب امام اعين زملائهم هو من باب التعلم والتأديب مع ان هذه الحالة سببت لبعض التلاميذ هروبا من المدرسة ورفض الاستمرار في الدوام وخاصة تلاميذ المدارس الابتدائية والذي يتبع بعض المعلمين ظاهرة الضرب والصراخ بوجه التلميذ الصغير ما يرسخ في الصورة الذهنية له ان الضرب سيشمله هو ايضا يوما ما يسبب في عزوفه عن الدوام او التحجج بأية وسيلة تمنعه من الدراسة بعد..
قصص للعنف من مدارسنا
نموذج (1)
هددت احدى المدرسات من قبل اولياء امور احد الطلاب كونها اهانته في درسها وضربته وطلبت منه احضار والده او من ينوب عنه، عندما تمادى في استهزائه بدرسها وبطريقة بحثها للمادة فضلا عن حالة الشعوذة والفوضى التي يسببها في اثناء الدرس اضطرت المُدرسة الى ترك الدوام خوفا وقلقا على حياتها وحياة ابنائها!!.
نموذج (3)
سبب شجار عنيف بين طالبين الى ادخالهما المستشفى لاسعافهما حيث اوضحت التقارير الطبية ان احدهما اصيب بكسر الفك الاعلى وحدوث نزيف حاد في العين.. اما الاخر فأصيب بكسر اثنين من اضراسه وتورم في الفم حينما حدث شرخ كبير في الشفة ترك على اثرها الدراسة لمدة شهرين وما زالا يعانيان من اثار الضرب والاعتداء.
نموذج (4)
تعرضت تلميذة صغيرة الى ضرب من قبل معلمتها ما اسقطتها ارضا ولم تكتف المعلمة في هذا العقاب فقط بل سحبت عصاها الغليظة وراحت توجه الضربات الى يد الطفلة الصغيرة حتى بكى عليها زملاؤها وتوجعت من شدة الضرب وقررت التلميذة ترك الدوام لاسلوب معلمتها القاسي معها وعجزت امها من اقناعها بالدوام حتى بعد الشكوى التي تقدم بها ولي امر الطالبة ومعاقبة المعلمة بالانذار او الاعتذار ربما!!.
هذه قصص التقطناها من الواقع المدرسي ومنها وجدنا الكثير الذي يثير فينا الكتابة والعرض ونخمن انها تكرر بروايات وتفاصيل مختلفة في اماكن اخرى من البلاد.
وتحفظ الكثيرون ممن التقيناهم عن الحديث في هذا الموضوع لحساسيته ولخشيته من ان يكون ضحية لجهة او شخص يتبنى العنف اسلوبا ومنهجا!.
هذا الخبر من موقع جريدة الصباح
بغداد ـ سعاد البياتي
التاريخ: Wednesday, February 20
اسم الصفحة: اسرة ومجتمع[/b]